تأمل القداس الأسبوعي

عِنْدَمَا طَلَبَ الشَّعْبُ مِنَ صَمُوئِيلَ أَنْ يُنَصِّبَ مَلِكًا عَلَيْهُمْ بَدَلَ حُكْمِ الْقَضَاءِ، كَانَ مُسْتَاءً مِنْ هَكَذَا طَلَبٍ، وَلَكِنَّهُ خَضَعَ لِطَلَبِهِمْ بِمُوَافَقَةٍ مِنَ اللهِ الَّذِي لَكَ يَكُونُ هُوَ أَيْضًا مَعَ هَذَا الْخَيَارِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَرْغَبُونَ أَنْ يَحِلَّ الْمَلِكُ مَكَانَهُ. رُغْمَ عَدَمِ الرِّضَى، اخْتَارَ اللهُ شَاوُلَ مَلِكًا عَلَيْهُمْ، وَلَكِنْ حِينَ تَخَطَّى شَاوُلُ إِرَادَةَ اللهِ بِحُبِّهِ لِلْحُرُوبِ وَالْغَنَائِمِ، نَبَذَهُ وَاخْتَارَ دَاوُدَ الَّذِي أَصْبَحَ مُنَافِسًا لِحُكْمِ شَاوُلَ. قَرَّرَ هَذَا الْأَخِيرُ أَنْ يَقْتُلَ دَاوُدَ، فَقَامَ بِرِفْقَةِ ثَلَاثَةَ آلَافِ رَجُلٍ لِيَقْتُلَ دَاوُدَ فِي بَرِّيَّةِ زيف. فَكَانَتْ إِرَادَةُ اللهِ أَنَّ شَاوُلَ كَانَ نَائِمًا بِقُرْبِ جُنُودِهِ الَّذِينَ غَفُوا هُمْ أَيْضًا بَعْدَ أَنْ وَصَلَ دَاوُدُ بِرِفْقَةِ أَبِيشَايْ الَّذِي أَرَادَ أَنْ يَسْتَغْنِمَ الْفُرْصَةَ لِقَتْلِ شَاوُلَ، فَقَالَ لَهُ دَاوُدُ:" لَا تَقْتُلْهُ، فَمَنِ الَّذي يَمُدُّ يَدَهُ إِلَى مَسيحِ الرَّبِّ وَيَكُونُ بَريئًا؟".

لِمَاذَا نَقَلَ إِلَيْنَا سِفْرُ صَمُوئِيلَ هَذِهِ الرِّوَايَةَ؟

أَرَادَ اللَّاهُوتِيُّ أَنْ يُظْهِرَ لَنَا فِكْرَةَ احْتِرَامِ دَاوُدَ اخْتِيَارِ اللهِ، لِذَا كَانَ يَرْغَبُ أَنْ يُرْضِيَهُ مُتَصَرِّفًا بِحِكْمَةٍ. نَرَى فِي الْعَهْدِ الْقَدِيمِ صُورَةً وَاضِحَةً لِلْعُنْفِ، إِنَّهُ لَمْ يُعَلَّمِ الْعُنْفَ، وَلَكِنَّهُ مِنْ خِلَالِهِ أَجْزَلَ عَلَيْنَا تَرْبِيَةَ اللهِ لِشَعْبِهِ مُحَوِّلًا إِيَّاهُ رُوَيْدًا رُوَيْدًا كَيْ يَنْبُذَ الْعُنْفَ وَيَسِيرَ قُدُمًا فِي طَرِيقِ السَّلَامِ وَالْمَحَبَّةِ الَّتِي أَوْصَلَتْنَا إِلَى يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَتَحَقَّقَتْ مِنْ خِلَالِ تَعْلِيمِهِ وَنَمَطِ عَيْشِهِ. لِذَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَرَى فِي إِنْجِيلِ الْيَوْمَ حَسَبَ لُوقَا الْإِنْجِيلِيِّ تَعْلِيمَ يَسُوعَ الْقَائِلِ "أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ وَأَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَبَارِكُوا لَاعِنِيكُمْ..."

مُنْذُ أَنْ دَخَلَتِ الْخَطِيئَةُ إِلَى الْعَالَمِ عَنْ يَدِ إِنْسَانٍ وَاحِدٍ أَيْ آَدَمْ، وَبِالْخَطِيئَةِ دَخَلَ الْمَوْتُ... فَكَانَ بِالْأَوْلَى أَنْ تَفِيضَ النِّعْمَةُ عَلَى جَمِيعِ النَّاسِ بِنِعْمَةِ إِنْسَانٍ وَاحِدٍ، أَلَا وَهُوَ يَسُوعُ الْمَسِيحِ، حَسَبَ قَوْلِ بُولُسَ الرَّسُولٍ ( راجع روم 5، 12 -15).

يُفْهِمُنَا هَذَا النَّصُّ مِنْ بُولُسَ مَسِيرَةَ اللهِ وَعَمَلَهُ لِخَلَاصِ الْإِنْسَانِ الَّذِي أَظْهَرَهُ الْعَهْدُ الْقَدِيمُ ضَعِيفًا وَمُجْرِمًا فِي بَعْضِ الْأَحْيَانِ. فَتَعْلِيمُ الْمَسِيحِ وَعَيْشُهُ هُمَا قِمَّةُ الْحَيَاةِ وَمِلْؤهَا.

اجْعَلْنَا، يَا رَبُّ، خَلِيقَةً جَدِيدَةً، فَنَعِشْ مَا عَلَّمْتَنَا إيَّاهْ بِنِعْمَةِ وَقٌوَّةِ رَحْمَتِكَ. آَمِينْ.